منذ سنوات والحديث يدور عن
المحتوى الرقمي باللغة العربية، وتكاد الآراء تجمع على أن هذا المحتوى،
بالرغم من وجود مواقع متخصصة محدودة، "لا يرقى إلى مستوى الطلب عليه"، وهي
حقيقة لا يقتصر تأكيدها في الدراسات والإحصاءات فحسب، بل نلمسها كل يوم.
فمَثَلُ من يبحث في الشبكة الإلكترونية باللغة
العربية عن موضوع جادّ كمثل من يبحث عن إبرة في كوم من القش. إذ طالما
تختصر نتيجة البحث المضني بعدد من الروابط التي تقود الى صفحات ملونة
براقة. تلك هي في الواقع منتديات معظمها مغلق. وفي أحسن الأحوال يعرض عليك
بعضها الانضمام عبر استمارة بسيطة.من هنا يبدو أن المحتوى ليس شحيحاً وحسب، كما يصفه المتابعون ومراكز البحث والإحصاء، بل ضعيف أيضاً من حيث النوع والقيمة، اذا ما استثنينا بعض المواقع الجادة.
تكرار المحتوى
المشكلة الجوهرية هي أن كمّ المحتوى العربي ونوعه لا يتناسبان مطلقاً مع ازدياد الحاجة إليه.وينعكس ذلك في التالي:
- أولا، الفجوة كبيرة بين عدد المستخدمين العرب لشبكة الإنترنت وحجم المحتوى العربي.
- وثانيا، التناسب مختل بين موقع اللغة العربية المتقدم في قائمة اللغات على الإنترنت (المرتبة السابعة في قائمة اللغات الأكثر استخداماً) والمادة المنشورة بهذه اللغة.
- وأخيراً، المواد المنشورة لا تشبع شغف الباحث عن المعلومة والمعرفة.
هنا تبرز بإلحاح ظاهرة انتهاك حقوق الملكية الفكرية، المتمثلة في إعادة النشر دون إذن، الأمر الذي يتطلب تدخلا عاجلا من الجهات ذات الاختصاص في العالم العربي.
إحصاءات
الأرقام التي تأتينا عبر مواقع الدراسة والإحصاء تجعل من تحسين المحتوى العربي ضرورةً ملحة، ليتناسب مع النمو المتسارع لأعداد مستخدمي الإنترنت، ومعدل الدخول الى الشبكة الإلكترونية.وتشير الأرقام مثلا إلى أن عدد المستخدمين الناطقين بالعربية للإنترنت ارتفع في الفترة ما بين عامي 2000 و2009 بنسبة كبيرة يقدرها تقرير لـ "إنترنت وورلد ستاتس" Internet World Stats بـ 23.300 في المئة!
وتبين إحصاءات المؤسسة نفسها في تقريرها في 31 ديسمبر/ كانون الأول 2011 أن عدد مستخدمي الشبكة الناطقين بالعربية بلغ 86.077.806 من بين 359.340.646 مليون نسمة هم المجموع الكلي للسكان في البلدان العربية. لكن عدد المستخدمين ارتفع ارتفاعا مضطردا في الأشهر اللاحقة لذلك، حسب الأرقام التي سجلتها بلدان عربية على انفراد.
ولا بد من القول إن معدلات الصعود تتباين من بلد لآخر اعتمادا على عوامل كثيرة منها عدد السكان وتسهيلات الدخول الى الإنترنت والمستوى المعيشي وغير ذلك (انظر الجدول أدناه).
في الوقت ذاته، سجل الانضمام الى مواقع التواصل الاجتماعي ارتفاعا ملحوظا.
فعدد مستخدمي موقع فيسبوك في الشرق الأوسط وشمال أفريقيا ارتفع إلى 44 مليونا، حسب إحصاءات صدرت في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي من موقع "سوشيال بيكرز" المختص.
أما مستخدمو موقع تويتر "النشطين" في البلدان العربية فقد تجاوز في مارس/ آذار 2012 المليون وثلاثمئة ألف، كما ورد في تقرير الإعلام الاجتماعي لـ "كلية دبي للإدارة الحكومية".
من الواضح أن النمو متسارع جدا وهو يؤكد هيمنة شبكة الانترنت في مجال المعلومات والاتصالات في عالمنا، الأمر الذي فتح الباب واسعاً، أمام حركة التغيير في العالم العربي.
تعزيز المحتوى
الخلاصة ان هذه المتغيرات تفرض نفسها وتجعل من ضرورة العمل على تحسين المحتوى العربي أمرا لا يمكن تجاهله، آخذين في الاعتبار تعقيد المهمة، فهناك أكثر من فجوة تحتاج إلى ردم.وهنا لا بد من الاشارة مثلا إلى معضلة من نوع آخر تتمثل في فقر نوعية الكثير من المواد المنشورة واحتوائها على معلومات غير دقيقة. وضعف لغة هذا المحتوى تكاد تكون سمة سائدة، إذ تبدو وكأنها لغة دون قواعد أو ضوابط.
هذا يضع المؤسسات التعليمية أمام مسؤولية تنمية مهارات التفكير والإبداع عبر إحداث تغيير في طرقها ومناهجها التربوية والتعليمية.
وتقع على الجميع أيضاً، مؤسسات وعاملين في الحقول العلمية والفكرية والثقافية، رفد المواقع التي تهتم بجمع المعلومات وتصنيفها كموسوعات الإنترنت.
التحدي كبير، كما هو واضح، أمام تحقيق نقلة نوعية في المحتوى الرقمي العربي، والإحصاءات التي أمامنا تشكل صورة هذا التحدي وإطاره، وتنبئنا دون أدنى شك بالحاجة الماسة الى المادة الرصينة على الشبكة.
الأرقام مقربة من تقرير "وورلد إنترنت ستاتس" استنادا لإحصاءات نهاية يونيو/ حزيران 2012
البلد | العدد التقريبي |
مصر | أكثر من 29 مليوناً |
السعودية | 13 مليوناً |
المغرب | أكثر من 16 مليوناً |
الإمارات العربية | حوالى 6 ملايين |
الجزائر وسوريا | اكثر من 5 ملايين |
تونس | 4 ملايين |
اليمن | 3.5 مليون |
الأردن | 2.5 مليون |
العراق ولبنان وعُمان | أكثر من مليونين |
الكويت | أقل بقليل من مليونين |
البلدان الآخرى | سجلت أرقاما أقل من ذلك |
0 التعليقات:
إرسال تعليق